السؤال: حكم كتابة أو شرح معاني كلمات في صفحات المصحف ؟
الجواب :
الحمد لله
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين :
القول الأول : يجوز كتابة معاني القرآن الكريم وتفسيره في هامش المصحف الشريف .
قال أبو الوليد الباجي رحمه الله :
" فأرادت عائشة أن تثبتها في المصحف – يعني كلمة " وصلاة العصر " في قوله تعالى : ( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ) البقرة/238 - لأنها اعتقدت جواز إثبات غير القرآن مع القرآن ، على ما روي عن أبي بن كعب وغيره من الصحابة أنهم جوزوا إثبات القنوت وبعض التفسير في المصحف ، وإن لم يعتقدوه قرآنا " انتهى باختصار وتصرف يسير.
" المنتقى شرح الموطأ " (1/246)
وروى أشهب عن الإمام مالك قوله :
" لا يزاد في المصاحف ، وأما مصاحف صغارٍ يَتعلم فيها الصبيان وألواحهم فلا بأس بذلك " انتهى .
" المنتقى شرح الموطأ " (1/344)
وقال صاحب كتاب " الكافي " من كتب الحنفية :
" إن كتب القرآن وتفسير كل حرف وترجمته جاز " انتهى.
نقله في " فتح القدير " (1/286)، وأورده أيضا في " رد المحتار " (1/486) ونقل قولا آخر ظاهره يخالفه سيأتي نقله في القول الثاني .
وما زال فقهاء الشافعية وغيرهم يبينون حكم مس المُحدث " المصحف المحشَّى " يعني بالتفسير ، من غير نكير من أحد منهم على هذا الفعل .
انظر: " حاشية البجيرمي " (1/49)
القول الثاني : لا ينبغي كتابة شيء من التفسير داخل المصحف الشريف
وقد وردت آثار عن السلف يدل ظاهرها على كراهة كتابة أي شيء في المصاحف :
عن عطاء رحمه الله :
كان يكره التعشير في المصحف ، وأن يكتب فيه شيء من غيره .
والتعشير وضع حلقة في المصحف عند منتهى كل عشر آيات .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :
أنه رأى خطا في مصحف فحَكَّه وقال : لا تخلطوا فيه غيره .
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :
جَرِّدُوا القرآن ولا تلبسوا به ما ليس منه .
وعن إبراهيم النخعي رحمه الله :
كان يقال جَرِّدُوا القرآن .
رواها ابن أبي شيبة في المصنف (2/328) بسنده .
وجاء في " مصنف ابن أبي شيبة " (7/180) أيضا : " حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن جابر عن عامر قال : كتب رجل مصحفا ، وكتب عند كل آية تفسيرها , فدعا به عمر فقرضه بالمقراضين " .
ولكنه أثر ضعيف ، فيه جابر بن يزيد الجعفي ضعيف ، وفيه انقطاع ؛ لأن عامر بن شراحيل الشعبي لم يسمع من عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
وجاء في كلام بعض المتأخرين من أهل العلم :
قال أبو عبد الله الحليمي من فقهاء الشافعية رحمه الله – في وجوه تعظيم القرآن -:
" ومنها : أن لا يخلط في المصحف ما ليس من القرآن بالقرآن ، كعدد الآيات ، والسجدات ، والعشرات ، والوقوف ، واختلاف القراءات ، ومعاني الآيات " انتهى.
نقله البيهقي في " شعب الإيمان " (3/330)
وقال الجرجاني رحمه الله – من علماء الشافعية - :
" من المذموم كتابة تفسير كلمات القرآن بين أسطره " انتهى
نقلا عن "الإتقان في علوم القرآن" (2/455)
وفي "الدر المختار" (1/486) من كتب الأحناف :
" ويكره كتب تفسيره تحته " انتهى .
علق عليه ابن عابدين رحمه الله بقوله :
" مخالف لما نقلناه عن " الفتح " آنفا , لكن رأيت بخط الشارح في هامش " الخزائن " عن حظر " المجتبى " : ويكره كتب التفسير بالفارسية في المصحف كما يعتاده البعض , ورخص فيه الهندواني ، والظاهر أن الفارسية غير قيد " انتهى.
" رد المحتار " (1/486)
ويقول علماء اللجنة الدائمة :
" الأصل الذي جرى عليه عمل الأمة : هو تجريد كتاب الله تعالى من أي إضافة إليه ، ويبقى تداول المصحف برسمه المتداول بين المسلمين ، دون إضافة أو نقص .
لهذا ننصحك بترك ما ذكر من التحشية على المصحف ، وبوسعك أن تكتب ما تحتاج إليه في أوراق خاصة تشير إلى اسم السورة ورقم الآية ، فتجمع بين المحافظة على كتاب الله تعالى ، وبين تقييد ما يفيدك ويعينك على فهمه .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " المجموعة الثانية (3/53،54)
والأظهر في ذلك ، إن شاء الله ، هو القول بالجواز ، وذلك لما يأتي :
عدم قيام الدليل الصحيح الذي ينهى عن كتابة شيء من معاني القرآن الكريم في المصحف الشريف .
فعل بعض الصحابة واشتهارهم بكتابة التفسير في مصاحفهم .
ويظهر أن علة كراهة مَن كره ذلك هي خوف التباس كلام الله تعالى بغيره من الكلام ، ودرء الخطأ بزيادة أو نقصان قد يقعان في المصاحف ، فلما حفظ الناس القرآن وانتشرت المصاحف في أيدي المسلمين ، لم تبق أي حجة للمنع .
قال يحيى بن أبي كثير :
" كان القرآن مجرّدا في المصاحف ، فأوّل ما أحدثوا فيه النّقط على الباء والتّاء والثّاء ، وقالوا : لا بأس به ، هو نور له ، ثمّ أحدثوا نقطا عند منتهى الآي ، ثمّ أحدثوا الفواتح والخواتم " انتهى .
انظر "نقط المصاحف" لأبي عمرو الداني ( 1/2) ، "الإتقان في علوم القرآن" (2/454)
وفي " حاشية ابن عابدين " (6/386) :
" ما روي عن ابن مسعود : " جرِّدوا القرآن " : كان في زمنهم ، وكم من شيء يختلف باختلاف الزمان ، والمكان ، كما بسطه الزيلعي ، وغيره " انتهى.
وقد نص العلماء على جواز تنقيط المصاحف وتشكيلها بالحركات ( الكسرة والضمة والفتحة ونحوها ) وكتابة أسماء السور وعدد الآيات وعلامات الوقف ونحو ذلك ، مما يعين على الفهم والقراءة ، ولم يلتبس بكلام الله تعالى ، وينبغي أن يكون كذلك الحكم أيضا في كتابة التفسير والمعاني في هامش المصاحف في عصرنا هذا ، فإن طباعة المصحف الشريف قد تطورت وتحسنت كثيرا ، بحيث يبعد أن يختلط كلام الله تعالى بغيره من كلام البشر .
كما أن هناك من المصاحف ما طبع التفسير بهامشها طباعة حديثة واضحة ، وقد تحققت بذلك فوائد عديدة , وتيسَّر العلم بالتفسير على كثير من الناس ، وخاصة في المصاحف التي ترجمت معاني الآيات فيها إلى اللغات المختلفة .
ويَقْوَى الحكم بالجواز وعدم الكراهة في حالة وجود حاجة التعلم ، فإذا كان طالب العلم يستفيد من وضعه معاني الكلمات وبعض القراءات في هامش المصحف فلا حرج عليه إن شاء الله .
والله أعلم .
الجواب :
الحمد لله
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين :
القول الأول : يجوز كتابة معاني القرآن الكريم وتفسيره في هامش المصحف الشريف .
قال أبو الوليد الباجي رحمه الله :
" فأرادت عائشة أن تثبتها في المصحف – يعني كلمة " وصلاة العصر " في قوله تعالى : ( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ) البقرة/238 - لأنها اعتقدت جواز إثبات غير القرآن مع القرآن ، على ما روي عن أبي بن كعب وغيره من الصحابة أنهم جوزوا إثبات القنوت وبعض التفسير في المصحف ، وإن لم يعتقدوه قرآنا " انتهى باختصار وتصرف يسير.
" المنتقى شرح الموطأ " (1/246)
وروى أشهب عن الإمام مالك قوله :
" لا يزاد في المصاحف ، وأما مصاحف صغارٍ يَتعلم فيها الصبيان وألواحهم فلا بأس بذلك " انتهى .
" المنتقى شرح الموطأ " (1/344)
وقال صاحب كتاب " الكافي " من كتب الحنفية :
" إن كتب القرآن وتفسير كل حرف وترجمته جاز " انتهى.
نقله في " فتح القدير " (1/286)، وأورده أيضا في " رد المحتار " (1/486) ونقل قولا آخر ظاهره يخالفه سيأتي نقله في القول الثاني .
وما زال فقهاء الشافعية وغيرهم يبينون حكم مس المُحدث " المصحف المحشَّى " يعني بالتفسير ، من غير نكير من أحد منهم على هذا الفعل .
انظر: " حاشية البجيرمي " (1/49)
القول الثاني : لا ينبغي كتابة شيء من التفسير داخل المصحف الشريف
وقد وردت آثار عن السلف يدل ظاهرها على كراهة كتابة أي شيء في المصاحف :
عن عطاء رحمه الله :
كان يكره التعشير في المصحف ، وأن يكتب فيه شيء من غيره .
والتعشير وضع حلقة في المصحف عند منتهى كل عشر آيات .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :
أنه رأى خطا في مصحف فحَكَّه وقال : لا تخلطوا فيه غيره .
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :
جَرِّدُوا القرآن ولا تلبسوا به ما ليس منه .
وعن إبراهيم النخعي رحمه الله :
كان يقال جَرِّدُوا القرآن .
رواها ابن أبي شيبة في المصنف (2/328) بسنده .
وجاء في " مصنف ابن أبي شيبة " (7/180) أيضا : " حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن جابر عن عامر قال : كتب رجل مصحفا ، وكتب عند كل آية تفسيرها , فدعا به عمر فقرضه بالمقراضين " .
ولكنه أثر ضعيف ، فيه جابر بن يزيد الجعفي ضعيف ، وفيه انقطاع ؛ لأن عامر بن شراحيل الشعبي لم يسمع من عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
وجاء في كلام بعض المتأخرين من أهل العلم :
قال أبو عبد الله الحليمي من فقهاء الشافعية رحمه الله – في وجوه تعظيم القرآن -:
" ومنها : أن لا يخلط في المصحف ما ليس من القرآن بالقرآن ، كعدد الآيات ، والسجدات ، والعشرات ، والوقوف ، واختلاف القراءات ، ومعاني الآيات " انتهى.
نقله البيهقي في " شعب الإيمان " (3/330)
وقال الجرجاني رحمه الله – من علماء الشافعية - :
" من المذموم كتابة تفسير كلمات القرآن بين أسطره " انتهى
نقلا عن "الإتقان في علوم القرآن" (2/455)
وفي "الدر المختار" (1/486) من كتب الأحناف :
" ويكره كتب تفسيره تحته " انتهى .
علق عليه ابن عابدين رحمه الله بقوله :
" مخالف لما نقلناه عن " الفتح " آنفا , لكن رأيت بخط الشارح في هامش " الخزائن " عن حظر " المجتبى " : ويكره كتب التفسير بالفارسية في المصحف كما يعتاده البعض , ورخص فيه الهندواني ، والظاهر أن الفارسية غير قيد " انتهى.
" رد المحتار " (1/486)
ويقول علماء اللجنة الدائمة :
" الأصل الذي جرى عليه عمل الأمة : هو تجريد كتاب الله تعالى من أي إضافة إليه ، ويبقى تداول المصحف برسمه المتداول بين المسلمين ، دون إضافة أو نقص .
لهذا ننصحك بترك ما ذكر من التحشية على المصحف ، وبوسعك أن تكتب ما تحتاج إليه في أوراق خاصة تشير إلى اسم السورة ورقم الآية ، فتجمع بين المحافظة على كتاب الله تعالى ، وبين تقييد ما يفيدك ويعينك على فهمه .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " المجموعة الثانية (3/53،54)
والأظهر في ذلك ، إن شاء الله ، هو القول بالجواز ، وذلك لما يأتي :
عدم قيام الدليل الصحيح الذي ينهى عن كتابة شيء من معاني القرآن الكريم في المصحف الشريف .
فعل بعض الصحابة واشتهارهم بكتابة التفسير في مصاحفهم .
ويظهر أن علة كراهة مَن كره ذلك هي خوف التباس كلام الله تعالى بغيره من الكلام ، ودرء الخطأ بزيادة أو نقصان قد يقعان في المصاحف ، فلما حفظ الناس القرآن وانتشرت المصاحف في أيدي المسلمين ، لم تبق أي حجة للمنع .
قال يحيى بن أبي كثير :
" كان القرآن مجرّدا في المصاحف ، فأوّل ما أحدثوا فيه النّقط على الباء والتّاء والثّاء ، وقالوا : لا بأس به ، هو نور له ، ثمّ أحدثوا نقطا عند منتهى الآي ، ثمّ أحدثوا الفواتح والخواتم " انتهى .
انظر "نقط المصاحف" لأبي عمرو الداني ( 1/2) ، "الإتقان في علوم القرآن" (2/454)
وفي " حاشية ابن عابدين " (6/386) :
" ما روي عن ابن مسعود : " جرِّدوا القرآن " : كان في زمنهم ، وكم من شيء يختلف باختلاف الزمان ، والمكان ، كما بسطه الزيلعي ، وغيره " انتهى.
وقد نص العلماء على جواز تنقيط المصاحف وتشكيلها بالحركات ( الكسرة والضمة والفتحة ونحوها ) وكتابة أسماء السور وعدد الآيات وعلامات الوقف ونحو ذلك ، مما يعين على الفهم والقراءة ، ولم يلتبس بكلام الله تعالى ، وينبغي أن يكون كذلك الحكم أيضا في كتابة التفسير والمعاني في هامش المصاحف في عصرنا هذا ، فإن طباعة المصحف الشريف قد تطورت وتحسنت كثيرا ، بحيث يبعد أن يختلط كلام الله تعالى بغيره من كلام البشر .
كما أن هناك من المصاحف ما طبع التفسير بهامشها طباعة حديثة واضحة ، وقد تحققت بذلك فوائد عديدة , وتيسَّر العلم بالتفسير على كثير من الناس ، وخاصة في المصاحف التي ترجمت معاني الآيات فيها إلى اللغات المختلفة .
ويَقْوَى الحكم بالجواز وعدم الكراهة في حالة وجود حاجة التعلم ، فإذا كان طالب العلم يستفيد من وضعه معاني الكلمات وبعض القراءات في هامش المصحف فلا حرج عليه إن شاء الله .
والله أعلم .