السؤال:
بينما كنت أقرأ في كتاب " نهاية العالم " للدكتور محمد بن عبد الرحمن العريفي ، والذي يتكلم عن أشراط الساعة الصغرى والكبرى فوجدت ضمن العلامات " فتنة تستنظف العرب " ، وذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم قوله ( تكون فتنة تستنظف العرب قتلاها في النار ، اللسان فيها أشد من وقع السيف ) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه ، والحديث فيه مقال . فأرجو من فضيلتكم شرح الحديث ، وهل ينطبق على الأوضاع الحالية في وطننا العربي .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
نص الحديث الوارد ذِكره في السؤال وتحقيق القول في درجته :
عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ تَسْتَنْظِفُ الْعَرَبَ قَتْلاَهَا فِى النَّارِ اللِّسَانُ فِيهَا أَشَدُّ مِنْ وَقْعِ السَّيْفِ ) .
رواه الترمذي ( 2178 ) وأبو داود ( 4265 ) وابن ماجه ( 3967 ) .
والحديث ضعيف لا يصح ؛ فيه علتان :
الأولى : جهالة أحد رواته وهو زِيَادِ سَيْمِينْ كُوشْ .
الثانية : ضعف ليث بن أبي سلَيم .
وقد ضعفه الترمذي بعد روايته ونقل عن الإمام البخاري جهالة زياد ، والاختلاف في الحديث وقفاً ورفعاً ، وضعفه محققو " مسند أحمد " ( 11 / 562 ) والألباني في " السلسة الضعيفة " ( 3229 ) ، وقد أحسن الشيخ العريفي في قوله " وفيه مقال " وليتَه لم يذكره أصلاً .
ثانياً:
أما معناه :
قال المباركفوري – رحمه الله - : " قوله ( تكون فتنة تستنظف العرب ) أي : تستوعبهم هلاكاً ، يقال : استنظفتْ الشيءَ إذا أخذتْه كلَّه ، ومنه قولهم " استنظفتُ الخراج " ولا يقال نظَّفته كذا في " النهاية " .
قال القارىء : وقيل : أي : تطهرهم من الأرذال وأهل الفتن .
( قتلاها ) جمع قتيل بمعنى مقتول مبتدأ خبره قوله ( في النار ) أي : سيكونون في النار ، أو هم حينئذ في النار ؛ لأنهم يباشرون ما يوجب دخولهم في النار كقوله تعالى ( إن الأبرار لفي نعيم ) قال القاضي رحمه الله : المراد بقتلاها : من قُتل في تلك الفتنة ، وإنما هم من أهل النار لأنهم ما قصدوا بتلك المقاتلة والخروج إليها إعلاء دين أو دفع ظالم أو إعانة محق وإنما كان قصدهم التباغي والتشاجر طمعا في المال والملك .
( اللسان فيها ) أي : وقعه وطعنه على تقدير مضاف ، ويدل عليه : رواية ( إشراف اللسان ) أي : اطلاقه وإطالته .
( أشد من السيف ) أي : وقع السيف كما في رواية ؛ لأن السيف إذا ضُرب به أثَّر في واحد ، واللسان تضرب به في تلك الحالة ألف نسَمة " انتهى من " تحفة الأحوذي " ( 6 / 335 ) .
وبما أن الحديث لم يصح فلا حاجة للاشتغال بتأويله والأخذ والرد بتفسيره ، وخاصة أنه في أمور الغيب ، ولو صحَّ فلا ينبغي لأحدٍ أن يجزم بتنزيله على واقع معيَّن ظنّاً منه أنه ينطبق عليه ؛ إذ قد يأتي واقع هو ألصق بمعنى الحديث من الواقع المظنون ، وقد يكون الحديث قد انطبق على زمان سالف .
ونسأل الله أن يوفقك للعلم النافع والعمل الصالح وجزاك الله خيراً على أدبك وحسن أخلاقك .
والله أعلم
بينما كنت أقرأ في كتاب " نهاية العالم " للدكتور محمد بن عبد الرحمن العريفي ، والذي يتكلم عن أشراط الساعة الصغرى والكبرى فوجدت ضمن العلامات " فتنة تستنظف العرب " ، وذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم قوله ( تكون فتنة تستنظف العرب قتلاها في النار ، اللسان فيها أشد من وقع السيف ) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه ، والحديث فيه مقال . فأرجو من فضيلتكم شرح الحديث ، وهل ينطبق على الأوضاع الحالية في وطننا العربي .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
نص الحديث الوارد ذِكره في السؤال وتحقيق القول في درجته :
عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ تَسْتَنْظِفُ الْعَرَبَ قَتْلاَهَا فِى النَّارِ اللِّسَانُ فِيهَا أَشَدُّ مِنْ وَقْعِ السَّيْفِ ) .
رواه الترمذي ( 2178 ) وأبو داود ( 4265 ) وابن ماجه ( 3967 ) .
والحديث ضعيف لا يصح ؛ فيه علتان :
الأولى : جهالة أحد رواته وهو زِيَادِ سَيْمِينْ كُوشْ .
الثانية : ضعف ليث بن أبي سلَيم .
وقد ضعفه الترمذي بعد روايته ونقل عن الإمام البخاري جهالة زياد ، والاختلاف في الحديث وقفاً ورفعاً ، وضعفه محققو " مسند أحمد " ( 11 / 562 ) والألباني في " السلسة الضعيفة " ( 3229 ) ، وقد أحسن الشيخ العريفي في قوله " وفيه مقال " وليتَه لم يذكره أصلاً .
ثانياً:
أما معناه :
قال المباركفوري – رحمه الله - : " قوله ( تكون فتنة تستنظف العرب ) أي : تستوعبهم هلاكاً ، يقال : استنظفتْ الشيءَ إذا أخذتْه كلَّه ، ومنه قولهم " استنظفتُ الخراج " ولا يقال نظَّفته كذا في " النهاية " .
قال القارىء : وقيل : أي : تطهرهم من الأرذال وأهل الفتن .
( قتلاها ) جمع قتيل بمعنى مقتول مبتدأ خبره قوله ( في النار ) أي : سيكونون في النار ، أو هم حينئذ في النار ؛ لأنهم يباشرون ما يوجب دخولهم في النار كقوله تعالى ( إن الأبرار لفي نعيم ) قال القاضي رحمه الله : المراد بقتلاها : من قُتل في تلك الفتنة ، وإنما هم من أهل النار لأنهم ما قصدوا بتلك المقاتلة والخروج إليها إعلاء دين أو دفع ظالم أو إعانة محق وإنما كان قصدهم التباغي والتشاجر طمعا في المال والملك .
( اللسان فيها ) أي : وقعه وطعنه على تقدير مضاف ، ويدل عليه : رواية ( إشراف اللسان ) أي : اطلاقه وإطالته .
( أشد من السيف ) أي : وقع السيف كما في رواية ؛ لأن السيف إذا ضُرب به أثَّر في واحد ، واللسان تضرب به في تلك الحالة ألف نسَمة " انتهى من " تحفة الأحوذي " ( 6 / 335 ) .
وبما أن الحديث لم يصح فلا حاجة للاشتغال بتأويله والأخذ والرد بتفسيره ، وخاصة أنه في أمور الغيب ، ولو صحَّ فلا ينبغي لأحدٍ أن يجزم بتنزيله على واقع معيَّن ظنّاً منه أنه ينطبق عليه ؛ إذ قد يأتي واقع هو ألصق بمعنى الحديث من الواقع المظنون ، وقد يكون الحديث قد انطبق على زمان سالف .
ونسأل الله أن يوفقك للعلم النافع والعمل الصالح وجزاك الله خيراً على أدبك وحسن أخلاقك .
والله أعلم